city-of-london-location

عميلنا العزيز،

نتوجه اليكم بهذا المكتوب بخصوص التقلبات الأخيرة في الجنيه الاسترليني منذ التصويت الذي جرى في المملكة المتحدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي في 23 تموز 2016، وخاصة في ما يتعلق بالانخفاض المفاجئ وغير الاعتيادي في قيمة الجنيه يوم الجمعة الماضي. لقد سبّب ذلك التصويت عدم استقرار مالي واقتصادي ليس فقط في المملكة المتحدة و أوروبا ولكن أيضا في سائر الدول الاقتصادية الكبرى في جميع أنحاء العالم. كما سبق لنا واشرنا في تحليلاتنا الخاصة وتعليقاتنا الخارجية المنشورة عبر العديد من وسائل الإعلام المالية الرائدة مثل صحيفة فاينانشال تايمز وبلومبيرج ورويترز، فإن معظم هذه التقلبات ناجمة عن المضاربة المبنيّة على الشك والمجهول. كما انه لم تتضح حتى الآن تفاصيل ماهية العلاقة التي ستجمع المملكة المتحدة وأوروبا والمملكة المتحدة والدول الاقتصادية الكبرى الأخرى عند اتمام عملية الخروج من الاتحاد الاوروبي. ان ما نعرفه اليوم هو أنه منذ التصويت للخروج من الاتحاد الاوروبي منذ حوالي أربعة أشهر، ظلت اسس الاقتصاد البريطاني قوية. وقد شهد قطاع الخدمات نمواً جيداً، كما ان الصناعة التحويلية بحالة مستقرة، وأسعار العقارات مرتفعة ويشهد الاقتصاد اجمالاً نمواً مستمراً، كما تتوقع المؤسسات الكبرى، بما في ذلك بنك انجلترا المركزي وصندوق النقد الدولي، ان يواصل الاقتصاد نموه.

في أوقات عدم الاستقرار هناك دائما ردود فعل مبالغة في الأسواق، لا سيما في ما يتعلق بالأصول التي يتم تداولها إلكترونيا بكميات كبيرة وتقريباً على الفور، مثل الأسهم المدرجة والسلع والعملات. وقد اعطيت أسباب كثيرة للانخفاض المفاجئ والوجيز في قيمة الجنيه يوم الجمعة الماضي،  ولكن لم ترتكز اي منها على الظروف المالية والاقتصادية الفعلية المتعلقة بقيمة الجنيه. ويبدو أن هذا الحدث غير الاعتيادي قد وقع بسبب آليات التداول بالعملة وليس متعلقاً بالاسس الاقتصادية. ان التراجع المفاجئ حصل اساساً في الأسواق الآسيوية في حين كانت اسواق الولايات المتحدة وأوروبا مغلقة. خلال هذه الأوقات تنخفض  كميات الأوامر في السوق بشكل طبيعي إلى حد كبير، ولأن نسبة كبيرة من الصفقات يتم تداولها بشكل منتظم عبربرامج آلية، يمكن ان تحدث تقلبات مفاجئة كبيرة بسبب طريقة وضع هذه البرامج. ان برامج التداول الآلي (أو الخوارزميات، كما هي معروفة عادة) ترصد باستمرار حجم وانتشار الصفقات في السوق وتستعملها لوضع الصيغ في محاولة لتنبؤ تحرك الاسعار واتمام الصفقات تلقائيا في السوق. يمكن أن يؤدي ذلك إلى عدم الاستقرار المؤقت حيث ان هناك عدد قليل جدا من المشترين في السوق وان البرامج الآلية تعطي ارقام غير دقيقة لأن منصة التداول هي مرجعها  الوحيد. على عكس التجار البشر الذين لديهم إمكانية الوصول إلى جميع الأسس الاقتصادية، فإن البرامج الآلية يمكنها فقط تحليل البيانات المحفوظة على منصة التداول مما يمكن أن يؤدي إلى وضع عدد كبيرمن طلبات البيع المفاجئ تلقائيا التي من شأنها أن تؤثر على سعر السوق. هناك، بطبيعة الحال، انظمة مراقبة مدمجة في منصات التداول الإلكترونية لمنع ذلك مما يؤدي الى التصحيح الفوري لسعر السوق.

تراوح سعر التداول بالجنيه الاسترليني بين 1.44 $ و 1.49 $ خلال الأشهر الثلاثة قبل التصويت على الخروج من الاتحاد الاوروبي في 23 تموز 2016. في 24 تموز، اي في اليوم التالي للتصويت، كان سعر الاقفال  1.37 $، مما يمثل انخفاض بنسبة 8٪. ومنذ ذلك الحين، تراوح سعر التداول بالجنيه الاسترليني بين 1.30 $ و 1،35 $ وشهد في الآونة الأخيرة انخفاض اضافي حيث بلغ حوالي 1.24 $ بسبب عدم الاستقرار السياسي في المملكة المتحدة المتعلق بكيفية التعامل مع عملية الخروج من الاتحاد الاوروبي. ليس هناك حتى الآن أية مؤشرات اقتصادية أساسية لتبرير هذا الانخفاض وعلى الرغم من ان السيناريو الأسوأ بحسب  HSBC قد يبلغ 1،10$ في نهاية عام 2016، فإن المؤشرات الأساسية على المدى الحالي والطويل تبقى ايجابية. كما ان ميزانيات المصارف الرائدة في المملكة المتحدة أقوى بكثير بالمقارنة مع ميزانيات الفترة السابقة لعام 2008، ونسب رأس المال الأساسي لبعض تلك المصارف  بلغت أكثر من أربعة أضعاف ما كانت عليه  قبل عام 2008. ان بنك انجلترا وضع أيضاً احتياطيات واسعة لدعم تقلب السوق خلال الفترة الانتقالية للخروج من الاتحاد الاوروبي.

نأمل ان تكونوا قد وجدتم هذا المكتوب مفيداً.

سنوافيكم بأية تطورات بهذا الخصوص فور ورودها ونرجوا الا تترددوا في الاتصال بنا إذا كنتم ترغبون مناقشة ما تقدم.

مع اطيب التحيات،

جي آر اي